كن جميلا 

شعر : إيليا أبو ماضي

_ التعريف بالشاعر:

إيليا أبو ماضي من كبار شعراء المهجر ، ولد بقرية ( المحيدثة ) بلبنان سنة 1889م وعندما بلغ العاشرة من عمره ، هاجر إلى مصر يطلب فيها حياة طيبة لم يجدها في لبنان واتجه إلى القراءة والتحرير في الصحف وظهرت شاعريته مبكرة ، فأصدر ديوانه الأول ( تذكار الماضي ) سنة 1911 ، وجرى فيه على طريقة البارودي والشعر العربي التقليدي .

ثم هاجر إلى أمريكا سنة 1912 م ومكث بها أربع سنوات لا يقول شعراً ، ولعله كان مشغولاً بتدبير عيشه ، ثم انضم إلى الرابطة القلمية بنيويورك حين تأسست سنة 1920 ، وفي سنة 1929 أصدر مجلة ( السمير ) ثم حولها إلى جريدة يومية ، ونشر سنة 1921 ديوانه ( الجداول ) ، وفي سنة 1940 ديوانه ( الخمائل ( .

وقد أتاحت له هجرته إلى أمريكا ثقافة ودراسة عميقة للحضارة الغربية والعربية وتكونت له منهما شخصية واضحة المعالم ، قوية الملامح ، وهو يصوغ الشعر معبراً عن نفسه وعن المجتمع الذي يعيش فيه ، ويتأمل الحياة وما فيها من صنوف الخير والشر ويعرض ذلك عرضاً صادقاً ، ونجد في شعره كثيراً من النظرات التأملية في الحياة وفي أسرار الوجود والنفس الإنسانية ، توفي سنة 1957 ، وقد نشر ديوانه ( تبر وتراب ) بعد وفاته

_ مناسبة القصيدة  : كان إيليا أبو ماضي يشفق على المتشائمين الذين ينظرون إلى الحياة بمنظار أسود ويعمون عن كل ما تحفل به الحياة من متعة وبهجة ولا يقدرون ما أسبغ الله عليهم من نعم لا تعد ولا تحصى ، وكان يرى أن الكآبة إنما يخلقها الإنسان لنفسه بينما في استطاعته أن يعيش سعيداً ، وهو في هذه القصيدة يدعو إلى التفاؤل والأمل والابتعاد عن التشاؤم بأسلوب فلسفي تأملي أشرك فيه مظاهر الطبيعة المختلفة للاستمتاع بالحياة ونبذ الشكوى والخوف من الموت.

وأبي ماضي عاشق للحياة وجمالها رافض للشكوى والتبرم من عنائها، يقول لمن يضيق بهذا العناء المتجاهل للجمال من حوله:

" التفاؤل والاستمتاع بالحياة "

أيهذا  الشاكـــــــي وما بــــك داء           كيف تغدو إذا غدوت عليـــلا
إن شر الجنـــاة في الأرض نفس           تتوقى قبل الرحيل الرحيــــلا
وترى الشوك في الورود وتعمى            أن ترى فوقها الندى إكليـــلا
هو عبء علـــى الحيـــاة ثقيـــل            من يظن الحياة عبئا ثقيـــــلا
والـــــذي نفسه بغير جمــــال لا            يرى في الحياة شيئا جميـــلا
 فتمتّعْ بالصُّبـــحِ مـــا دُمـتَ فيه            لا تخفْ أنْ يزولَ حتّى يزولا  

 أيهذا الشاكــــــــي ومــا بك داء           كن جميلا تر الوجود جميــلا

المفردات

الكلمة

معنــــــــاهـــا

الكلمة

معنــــــاهـــــا

أيهذا الشاكي

أي هذا أيها الشاكي

الشاكي 

المخبر بسوء أصابه

داء

مرض وجمعها أدواء

تغدو

تصبح

عليلا  ً

مريضا

الجناة 

جمع جان ، وهو المذنب

تتوقى

يتحذر

الرحيل 

المغادرة والمراد الموت

تعمى

تصاب بالعمى

الندى

قطرات الماء في الصباح

إكليلا 

تاج والجمع أكاليل

الشَّوْقُ

نزاع النفس إلى الشيء

عبء

بالكسر الحِمل وجمعه أعْباءٌ

يظن

يعتقد والظَّنُّ العِلم دون يقين

الحياة

الحَيَاةُ ضد الموت والجمع حيوات

تمتع 

استمتع

يزول

ينقشع ويذهب

الوجود

الكون

                                                    الشرح

 
1
- يتعجب الشاعر من الإنسان الذي يشتكي من الحياة ولم يصب بمرض متوجها إليه بنظرة تأملية فكيف يكون حاله إذن عندما يمرض .
2
- فإن شر المذنبين في الأرض من يحذر الموت ويخافه ويظل حبيساً لهذه الفكرة قبل أن يحن موعدها .

3-إن نظرتك التشاؤمية للحياة جعلتك لا ترى في الوردة سوى الشوك ولا تتمتع بجمال الندى على أوراقها كالتاج على رأس الجميلة .

4- فالإنسان عبارة عن مشاعر وأحاسيس، فإذا كانت ظروفه صعبة -وهي في الغالب كذلك- يحتاج كثيرا إلى أن يخلق السرور داخل نفسه، ولو لم تكن أسبابه موجودة ...فالسعادة شيء نصنعه داخل نفوسنا، ولا يأتي من شيء آخر عندما تصبح نظرتنا إلى هذه الحياة مجرد يأس وإحباط فإننا فعلا عبء ثقيل

 5- فالإنسان الذي لا يجعل الجمال من عناصر نفسه لا يرى في الكون شيئاً جميلا .
6- ويدعو الشاعر هذا المتشاءم بأن يستمتع بمطلع النهار الجديد طالما أنه موجود فيه ومن عناصره متفاعلا معه متفائلا بالحياة حتى يذهب وحده كطبيعة الأشياء .

7- ثم يدعو الشاعر هذا الإنسان بأن يجعل الجمال في نفسه فسيرى الوجود جميلا ويسعد به دون شقاء وألم قائلا له " كن جميلا ترى الوجود جميلا " .

مواطن الجمال

×أيهذا الشاكي وما بك داء :          أسلوب نداء الغرض منه التعجب
×ما بك داء :                              أسلوب خبري الغرض منه التقرير
×كيف تغدو إذا غدوت عليلا :       أسلوب استفهام الغرض منه التعجب .
×ما بك داء / عليلا :          تضاد سلب ، قيمته الفنية توضيح المعنى وإبرازه بالمتناقضات .
×البيت الثاني :                 الأسلوب خبري الغرض منه التقرير ويمكن اعتبار البيت حكمة
×الرحيل :                       كناية عن الموت وترك الحياة .
×الرحيل الرحيلا :             تكرار كلمة الرحيل لتوضيح المعنى وإبرازه ، والتكرار يعطي نغمة

موسيقية جميلة .

×ترى ، تتوقى :                استخدام الفعل المضارع دلالة على تجدد واستمرارية النظرة

التشاؤمية والخوف المشوب بالحذر 

 ×تري / تعمى :               تضاد لتوضيح المعنى وإبرازه .
×ترى فوقها الندى إكليلا : شبه الندى فوق أوراق الوردة بالتاج الموضوع على الرأس لزينتها.

× عبء ثقيل :                  صور التشاؤم بالحمل الثقيل الذي يحمله الإنسان .
×البيت الخامس :              أسلوب خبري الغرض منه التقرير ويعد أيضاً بيت حكمة
تمتع بالصبح :                   أسلوب أمر الغرض منه النصح والإرشاد
×لا تخف :                       أسلوب نهي الغرض منه النصح والإرشاد
× ( تخف ، يزول ، يزولا )            أفعالا مضارعة للدلالة على الخوف المتجدد من زوال السعادة

من الحياة .  

 ×كن جميلاً :                   أسلوب أمر الغرض منه النصح والإرشاد . 

Web hosting by Somee.com